القائمة الرئيسية

الصفحات

اقتصاد السودان وعدم وضوح الرؤية خلال المرحلة الإنتقالية - اقتصاد العرب

الاقتصاد السوداني وغيبنة المشروعات الوطنية خلال الفترة الإنتقالية

الاقتصاد السوداني أسئلة وحلول للأزمة الحالية
الاقتصاد السوداني أسئلة وحلول للأزمة الحالية
وجب التنويه أن هذا المقال من مشاركات المتابعين لمجتمع اقتصاد العرب، وهو بقلم عثمان آدم شريف - كاتب وباحث اقتصادي من السودان الشقيق.
لم تكن الأهداف المشروعة بتحقيق الإستقرار الاقتصادي ودفع النمو الاقتصادي وضرورة أن يلعب الاقتصاد دوره في دعم عملية التحول السياسي والانتقال الديمقراطي التي يمر بها السودان، بل نتجت ظواهر عكسية وهي نتاج طبيعي لعدم وجود مشروع وطني واضح ومحدد زمنيا بمهام ومسؤوليات محددة وفق قيد زمني محدد لعمر الفترة الإنتقالية.
هو ما أعاد الشارع السوداني لتساؤل هام، وهو ما هي برامج وتصورات مشروعات "إعلان قوي الحرية والتغيير" تجاه مؤسسات الحكم الإنتقالي بما يتوافق مع مشروع يستطيع أن يستوعب جميع الموارد الاقتصادية بما يليق بحجم وموارد هذا البلد الكبير؟!

ما هي التحديات التي تواجه السودان مشروع سياسي وطني خلال الفترة الإنتقالية؟

في هذه الفقرة سوف نلقي نظرة علي عدة نقاط، وهي كما يلي : 
  1. عجز التحالف السياسي القائم بأمور الحكم خلال المرحلة الإنتقالية في تقديم مشروع وطني ورؤية بديلة تنزل على مؤسسات الحكم الإنتقالي المختلفة وبدوره ما ينعكس على الحياة العامة، إلا أنها كرست لتصورات إنهزامية لمشروع الدولة التنموية من خلال تعاطيها مع البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية دون أفق لإدارة الدولة.
  2. تشكل إتجاه غيبنة المشروعات الوطنية خلال الفترة الانتقالية ولاسيما في إنتخاب مشروع إستراتيجي وطني ونموذج اقتصادي تنموي تستثمر فيه الموارد الاقتصادية وإضافة قيمة مضافة إليها بصورة أو بأخرى مما ينعكس بصورة إيجابية على القيمة الكلية للموارد الاقتصادية، إلا أن هذه الغيبنة المعنية بإستبعاد أي مشروع وطني وإستبداله بآخر أجنبي تدفعه الإملاءات وتحركة الأجندة الخارجية بصوراً وأشكالاً مختلفة وبأدوات أيضاً مختلفة ما انعكست على إثر هذه الغيبنة من عمر الفترة الانتقالية التي يشهدها السودان الآن إختلالاً في البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية من بعد ثورة عُقدت فيها الآمال نحو السعي لبناء دولة تنعم بالحريات وتعزيز فرص السلام وتحقيق العدالة؛ الإ أنها بنيت شعاراتها على تصورات لحظية إستخدمتها الاحزاب لتمرير فترة حرجة وبالتالي مثلت تمظهرات سالبة على البنية الكلية للفترة الانتقالية.
  3. يمر السودان بمرحلة حرجة بالفعل، وبمخاض إنتقال ديمقراطي عسير بإعتباره إنتقالاً ديمقراطياً رابع يشهده السودان والأول من نوعه كإنتقال ديمقراطي موسوم بإملاءات خارجية؛ ولأن السودان دولة محورية تجتمع فيه تقاطعات محاور إقليمية ودولية مختلفة من جهة وعدم وجود مشروع وطني داخلي يجتمع عليه النادي السياسي السوداني من جهة آخرى، هو ما جعل الفترة الإنتقالية التى يشهدها السودان عرضةً للإبتذال والإختطاف لصالح مشروعات خارجية دون تبني مشروع وطني يستصحب التجارب والعبر السابقة ويوظف التنوع المختلف الذي يتميز به السودان.
    وعلى إثر هذه الغياب والغيبنة الآن الفترة الإنتقالية مهددة إقتصادياً بمؤشرات مخيفة هي الاولى من نوعها منذ الإستقلال وما تنذر بتفكك للبنية الإقتصادية والاجتماعية من نوع آخر، ما تستدعي الحاجة الملحة على أقل تقدير لملامح مشروع وطني (سياسي إقتصادي بإمتياز، إجتماعي، ثقافي).
    اي مشروع دولة تنموية تتخذ مواردها كنقطة إنطلاق لتحقيق معدلات متقدمة من النمو الاقتصادي  وتعزيز فرص التنمية المستدامة، كالدول الصاعدة بمواردها الاقتصادية ما يكون ضامن للانتقال لمرحلة ما بعد الفترة الانتقالية بصورة تحفظ البلاد وأمنه.

عدم تبني نموذج اقتصادي وطني لإستغلال الموارد الاقتصادية

نجد أن ما انتهجته إعلان قوى الحرية والتغيير مسلكا في إدارة الكبينة الإقتصادية من تغييب وغيبنة للمشروعات الوطنية خلال الفترة الإنتقالية وتبنيها برامج صندوق النقد والبنك الدوليين ولعدم مقدرتها على وضع برنامج إقتصادي طموح بدوره يتلمس ويعالج الإختلالات الهيكلية التي ألمت بمفاصل الاقتصاد السوداني بفعل الغيبنة الان ما تشير اليه التقارير والاحصاءات ان الاقتصاد السوداني يسير للخلف بمعدلات كبيرة مقروناً هذا التراجع بالفترة الانتقالية.
تشكل التطور الطبيعي لتفاقم حدة الازمة الإقتصادية وإنهيار البنية الإقتصادية نتاج لعدم إستغلال قيمة الموجودات الوطنية من الموارد الاقتصادية وتوظيفها في برنامج يخدم أجندة الاستقرار الاقتصادي ويعززه لتحقيق معدلات إستقرار اقتصادي إيجابية على أقل تقدير في مستويات الاسعار، لكن من خلال تجربة "إعلان قوى الحرية والتغيير" الممسكة الان بزمام الفترة الانتقالية في السودان مما تؤكد تبني وصفات وإسقاطات لبرامج واجندة خارجية (برامج المؤسسات الدولية) مما أثبتت عدم جدواها ومقدرتها على كبح جماح الازمة الاقتصادية بل ساعدت في تفاقمها.
بفعل تغييب المشروعات الوطنية تعقدت المشاكل والاختلالات الاقتصادية أكثر من ذي قبل، من خلال انخفاض قيمة الجنيه السوداني امام العملات الأجنبية وارتفاع معدلات التضخم وانخفاض الانتاج المحلي.
وبحسب أخر تقرير للجهاز المركزي للاحصاء الخاص بقياس مؤشر التضخم والذي بلغ (304.33 %) لشهر يناير 2021، وكذلك ما أورده موقع  ( Trading Economic) الذي وضع السودان ضمن الدول الخمس صاحبة أعلى معدلات تضخم في العالم، حيث صنف الاقتصاد السوداني الثالث عالمياً من حيث ارتفاع معدل التضخم تسبقة (فنزويلا، زيمبابوي ثم السودان).
وأيضاً وفقاً لنشرة منصة ميدان حيث وضعت السوادن ضمن الاربعة إقتصادات عربية التي ستعاني بشدة وستواجه تحديات هي الأسوء في العام 2021، فمؤشر هذه الدول هي ( لبنان، سوريا، العراق ثم السودان)، كما أشار التقرير إلي ارتفاع حاد بأسعار السلع والخدمات إضافة إلى انه اقتصاد مثقل بالديون الخارجية والتى تصل حوالي 60 مليار دولار وتراجع قيمة الجنيه السوداني حيث تخطى سعر الدولار الأمريكي مبلغ (400) جنيه سوداني في السوق الموازي" عقب إجازة موازنة العام 2021، مقروناً بغياب السياسات المالية والدور الرقابي وتراجع معدلات النمو في القطاعات الانتاجية

والإنفلات الكبير في الاسواق بصورة غير مسبوقة دون وجود سياسيات ناجعه تعالج هذه الإختلالات بصورة واضحة ، فالإقتصاد السوداني الان يدار دون ملامح لمشروع وطني ودون خطوط واضحة لبرنامج إقتصادي لفترة إنتقالية إخطتفتها مجموعات كانت خارج دائرة الفعل السياسي ليست لديها اي خارطة برامجية سياسية لاحزابها بالتالي اصبحت الان ممسكة بمؤسسات الحكم الانتقالي ما خلفت على اثر غيبنتها للمشروعات الإقتصادية مزيداً من التردي الإقتصادي والبنيوي لمفاصل الاقتصاد السوداني بصورة اكبر مما كان  قبل ثورة ديسمبر ، بخلاف لما حملته الرؤى ما بعد الثورة نحو مأسسةً لدولة تنموية، ويقول : "ريك رودين" في كتابه كيف نُعرف الدولة التنموية في القرن الواحد وعشرين ، قال :ان الشرط الاول لبناء الدولة التنموية هو التوافق السياسي على خطة اقتصادية طويلة المدى ويجب ان تكون للدولة التنموية حكومة تتعهد بالتزامات طويلة الامد في اتباع استراتيجية فعالة وديناميكية تستمر مع مرور الوقت ويتطلب هذا الامر إجماعاً سياساً واسعاً او تسوية متفق علىها بين الفئات السياسية الرئيسية والقطاعات الرئيسية الإقتصادية "تسوية بين النخبة والمؤسسات السياسية والنخبة والمؤسسات الإقتصادية" ، هذا ما عجز عنه إعلان قوى الحرية والتغيير التي أربكت وأخلت بالفضاء السياسي والإقتصادي و الإجتماعي في السودان خلال الفترة الإنتقالية وهذا ما تشير إليه الأزمات الإقتصادية الراهنة التي توحي بتفاقم الاوضاع الاقتصادية الى مؤشرات ستكون الاولى من نوعها منذ السودنة.

ما هو المطلوب لإنتشال الاقتصاد السوداني من أزمته؟

نجد أن ما تتطلبه المرحلة الراهنة لإنتشال السودان من أزمته الاقتصادية والسياسية تتمثل في :
  1. السعي بصورة حسيسه لتحقيق إستقراراً في مؤشرات الاقتصاد الكلي مرتبطاً بتوافقٍ سياسيٍ بين المكونات السياسية من جهة والمكونات الاجتماعية من جهة أخرى خلال الفترة الانتقالية يكون هو الضامن لتماسك البنية السياسية والإقتصادية والاجتماعية عبر السعي لتحقيق الانفتاح الاقتصادي لتوسيع نطاق السوق من خلال الاتفاقيات الإقتصادية الثنائية والمتعددة.
  2. العمل على دعم الصادر والعمل على تطبيق سياسيات مرنة خاصة بسعر العملة.
  3. تشجيع الاستثمار المحلي والاجنبي ودعم القطاع العام.
  4. محاربة الاحتكار وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة.
  5. إصلاح النظام الضريبي وتذليل كافة الاشكالات المعوقه لعملية التطور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
  6. العمل على تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي هو ما يعزز لبناء لبنات جديدة وما يحفظ كرامة وحقوق انسان هذا البلد الذي يعتبر ايقونة الخارطة الجيواستراتيجية والإقتصادية والجيبولتيكية في المنطقة والغني بموارده وثقافاته المتنوعة.
هذا ما يحتاجه جموع الشعب السوداني الذي خرج في ثورة تنادت بتحقيق مؤشرات ايجابية في البينة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
reaction:
الاقتصادي العربي | Arab Economist
الاقتصادي العربي | Arab Economist
باحث اقتصادي هدفي إنشاء موسوعة عن الدول العربية توضح جوانب القوة في كل دولة، واتمني أن يأتي اليوم الذي يتحد فيه العرب لتعم الفائدة علي كل الشعوب.

تعليقات