اسباب ارتفاع العائد علي سندات الخزانة الأمريكية استحقاق 10 سنوات
ما سبب ارتفاع العائد علي سندات الخزانة الأمريكية؟ |
خلال الفترة الماضية، ارتفع معدل العائد على سندات الخزينة الأمريكية لـ استحقاق 10 سنوات من 4% إلى 4,8% مما تسبب بخسائر فادحة في أسواق السندات، ولكن لماذا هذا الارتفاع الكبير؟ وكيف سيؤثر على الأسواق؟.
فالبداية يجب أن تعلم أن العائد على سندات الخزينة "استحقاق 10 سنوات" يعتبر عائد معياري، بمعنى أن تسعيرة الفائدة على الأنواع المختلفة من القروض تعتمد على هذا العائد، فإذا ارتفع هذا العائد، فإن الفائدة على قروض السيارات والطلبة وبطاقات الائتمان سترتفع أيضا مما سيحجم النمو الاقتصادي في أمريكا بسبب ارتفاع التكلفة على المستهلك.
ونجد أنه عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي سياسته بشراء الأصول فيما يسمى برنامج "التيسير الكمي" فإنه بدأ عبر شراء هذه السندات لخفض العائد وبالتالي تراجع الفائدة على بقية أنواع القروض.
وفي شهر سبتمبر في عام 2008، بدأ الاحتياطي الفيدرالي بالتيسير الكمي عبر شراء الأصول واستمر في ذلك إلى شهر مايو عام 2013، وحينها بلغت ميزانية الاحتياطي 3,3 تريليون دولار بعد أن كانت أقل من تريليون دولار في 2008.
ما العلاقة بين الركود الاقتصادي وخفض معدلات الفائدة والتيسير الكمي؟
نجد أن الركود الاقتصادي وخفض معدلات الفائدة وبرنامج التيسير الكمي كلها عوامل أدت إلى انخفاض العائد على سندات الخزينة (استحقاق 10 سنوات) من 3,8% إلى 1,66% بنهاية أبريل 2013.
ولكن في مايو 2013، ذكر رئيس الاحتياطي الفيدرالي آنذاك برنانكي وفي جلسة استماع أمام الكونجرس وفي ملاحظة عابرة ذكر بأن الاحتياطي يدرس إمكانية خفض وتيرة شراء السندات والأصول، ونلاحظ أنه لم يقل بيع أو وقف بل قال خفض وتيرة الشراء.
وبعدها مباشرة أصيبت الأسواق بما يسمى حاليا بـ"نوبات غضب التناقص"، حيث زاد الهلع في أسواق السندات مما تسبب بارتفاع العائد إلى 2,6% خلال أسابيع قليلة.
وأمام هذه النوبة، لم يخفض الاحتياطي الفيدرالي وتيرة الشراء بل زاد في وتيرة الشراء وارتفعت ميزانية الاحتياطي خلال سنة إلى 4,3 تريليون دولار، ولكن لماذا نوبة الغضب هذه؟ لأن الأسواق فهمت خطأ أن الاحتياطي سيبدأ ببيع هذه السندات مما سيزيد من المعروض والاقتصاد لم يتعاف بعد.
واستمر الحال بهدوء إلى نهاية 2015 عندما بدأ الاحتياطي برفع "سعر الفائدة" وتدريجيا وصل إلى 2,4% من صفر بحلول نهاية 2018، ولكن بحلول سبتمبر 2019، أصبح واضحا أن هذه الزيادة في الفائدة والانخفاض في ميزانية الاحتياطي بدأ يضر بالاقتصاد العام فتراجع الاحتياطي وبدأ عملية عكسية حيث خفض الفائدة ورفع ميزانية الاحتياطي ثم حدثت "أزمة كورونا".
ومنذ أزمة البنوك في مارس 2023 إلى الآن، نجح الاحتياطي في خفض ميزانيته من 8,7 تريليون دولار إلى 8,1 تريليون دولار، وفي نفس السياق ارتفعت أسعار الفائدة إلى أكثر من 5%.
وهنا تأتي المعضلة حيث من الممكن ولفترة قصيرة أن يتساوى عائد السندات طويلة الأجل استحقاق 10 سنوات مع العوائد قصيرة الأجل، ولكن يبدو أن الأسواق أدركت أن معدل الفائدة قصير الأجل سيظل على مستواه لفترة طويلة.
ولكي يعود المستثمرين للاستثمار في السندات طويلة الأجل فإنهم سيطلبون عوائد أعلى من عوائد السندات قصيرة الأجل، وبالتالي فإما على معدل الفائدة اليومي أن ينخفض ويبدو أن ذلك لم يحدث قريبا أو على العائد على سندات الخزينة 10 سنوات أن يرتفع وهذا الذي يحدث حاليا مما يؤدي إلي نوبة الغضب هذه أشد لأن ميزانية الاحتياطي في انخفاض.